بعد يومين من المناقشات المكثفة، تختتم اليوم الخميس التاسع من يونيو عام 2022، في أروقة فندق كمبنسكي، أعمال الاجتماع الـ12 للجنة التوجيهية، والندوة الدولية الثامنة لمنتدى المفتشيات العامة للدولة في إفريقيا.
وعكف المشاركون في فعاليات هذا الحدث الهام الذي عقد تحت شعار «الحوكمة والأداء العام» على مناقشة سبل تعزيز المهام المختلفة التي تضطلع بها أجهزة الرقابة العليا للمساهمة في الحكم الرشيد، ما من شأنه تحسين أداء المؤسسات والهيئات العامة.
وافتتح أشغال الاجتماع والندوة يوم أمس الأول الثلاثاء، رئيس الجمهورية، السيد/ إسماعيل عمر جيله، بحضور رئيس الوزراء، السيد/ عبد القادر كامل محمد، والعديد من أعضاء الحكومة، والمفتش العام للدولة في جيبوتي، السيد/ حسن عيسى سلطان، والذي يشغل أيضا منصب الأمين التنفيذي لمنتدى المفتشيات العامة للدولة في إفريقيا.
كما شهد حفل الافتتاح ممثلون للمفتشيات العامة للدولة في العديد من الدول الأعضاء في المنتدى من قبيل موريتانيا والكونغو وساحل العاج والسنغال وأنغولا ومدغشقر.
وبحسب المنظِّمين، تأتي هذه الخطوة للنظر بعمق في الإصلاحات المؤسسية التي سيتم تنفيذها بغية تعزيز مهام مؤسسات الرقابة الأفريقية في الدول الأعضاء، وتعزيز تبادل المعارف والخبرات حول نظم المعلومات وطرقها وكشف ومنع الفساد. وألقى رئيس الجمهورية خطاباً ضافيا في الجلسة الافتتاحية، رحب في مستهله بالمشاركين من الدول الأعضاء، وممثلي المنظمات والهيئات الأخرى العاملة في جيبوتي، مثمناً المشاركة الفاعلة في هذا الحدث.
وأضاف الرئيس إسماعيل عمر جيله في هذا الصدد قائلا «يسعدني أن أرحب بكم هنا في جيبوتي عشية الذكرى الخامسة والأربعين لاستقلالنا، إنها بالفعل لحظة حاسمة في تاريخ جمهوريتنا.
إن منتدى المفتشيات العامة للدولة لهو منظمة إفريقية تم إنشاؤها في جيبوتي في عام 2006 بدعم من حكومة جمهورية جيبوتي، وتطمح لأن تصبح فاعلا لا غنى عنه في التفكير التقييمي والمستقبلي في الإدارة العامة.
اليوم وبعد مضيي 16 عامًا على إنشائه، حقق منتدى المفتشيات العامة للدولة في إفريقيا طموحاته، وهذا مصدر فخر واعتزاز لنا كون بلادنا تحتضن مقره الرئيسي، ويتولى المفتش العام للدولة في جيبوتي منصب الأمين التنفيذي.
وأكد رئيس الجمهورية أن الحوكمة والأداء العام يقعان في صميم اهتمامات حكومته، لافتا في هذا السياق إلى أن الحوكمة الرشيدة تُوجِد إدارة فعالة وخدمات عامة قادرة على تلبية ما يحتاجه المواطنون بشكل فعال.
وأردف بالقول «لقد أولت حكومة جمهورية جيبوتي منذ عدة سنوات اهتماما خاصا لتحديث إدارتها وخدماتها العامة، وتعزيز حوكمة مؤسساتنا وعملها من أجل زيادة الكفاءة في خدمة المواطنين، ولكن بالطبع، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، لتحسين قطاعنا العام باستمرار.
إن تعميم مبادئ الحكم الرشيد يجعل من الممكن التغلب على هذه التحديات العديدة مع تجنب أي تجاوزات، ويمكننا الاستشهاد - من بين مبادئ الحوكمة الرشيدة - بسيادة القانون والشفافية والوصول إلى المعلومات والإدارة المالية السليمة والمساءلة والفعالية والكفاءة والاستجابة».
واعتبر الرئيس جيله المسؤولية بأنها واحدة من المبادئ الأساسية للحكم الرشيد، والتي تظل ضمانة للأمن ومساءلة قادة الإدارة والمنظمات العامة، ملفتا الانتباه إلى أن المساءلة ضرورية لتقييم الإجراءات المتخذة وفعالية الإدارة المالية للأموال العامة، كونها تضمن الاستخدام السليم للموارد العامة وتحقيق أهداف التنمية.
وأضاف «هذا هو السبب في أن مبدأ المساءلة يظل أولوية في إدارة الشؤون العامة، وإن الإدارات والمؤسسات العامة المختلفة تخضع لتقييم منتظم لأدائها، ويجب بالتالي على كل موظف عام أن يضع في اعتباره أنه سيتحمل بالكامل العواقب في كل مرة يتم فيها اكتشاف أفعال تتعلق بسوء الإدارة أو إساءة الاستخدام أو الاحتيال من قبل بعثات المراقبة والتفتيش.
لقد أصبح من الملح للغاية –في ظل الاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والصحية التي يمر بها كوكبنا- تولي مسؤولية التحديات التي تواجه سكاننا، لذلك سيكون من الضروري إيجاد أفضل السبل للتنبؤ بالصعوبات المقبلة من أجل إعداد الإدارة ومؤسسات الدولة بشكل أفضل لأداء مهامها بشكل صحيح في خدمة المواطنين، ويحب من هذا المنطلق أن تكون إدارتنا أكثر كفاءة وأن تدمج مبادئ الفعالية في إدارتها».
وأوضح رئيس الجمهورية في خطابه أن مَهمة المفتشية العامة للدولة تأتي في صلت كافة التوجهات التي ذكرها للتو، لأن مهمتها هي تعزيز الحكم الرشيد وتقوية أداء الإدارة العامة، مضيفا «منذ إنشائها، اضطلعت المفتشية العامة للدولة في جيبوتي بمهام تدقيق ورقابة واستشارات كان لها تأثير كبير في تحديث الدولة، وإننا عازمون على المضي قدما في اتخاذ التدابير اللازمة لزيادة تعزيز استقلالها ووسائل عملها لزيادة نتائجها».
كما أكد أنه ثبت بالفعل أن أداء ونزاهة الجهات الفاعلة العامة يشكلان عاملان أساسيان للتنمية، مشددا على الدور الذي تنهض به المفتشيات العامة للدولة في إفريقيا، للإسهام في العملية التنموية في الدول الأعضاء.
وفي الختام خاطب الرئيس جيله بشكل خاص المفتشين العامين قائلا لهم « أنتم بالمرصاد لعمل الحكومات والسلطات العامة. مهمتكم صعبة لكنها ضرورية. لذلك نحن نعتمد على مهنيتكم والتزامكم.
تجدر الإشارة إلى أن منتدى المفتشيات العامة للدولة في إفريقيا الذي تأسس في شهر فبراير 2006 يتكون من 26 هيئة رقابية تنتمي لـــ 21 دولة, وهو يشكِّل تجمعا رائدا لهيئات متخصصة في مجالات مكافحة الفساد والرشوة، فضلا عن ترسيخ الحكمة الرشيدة في الدول الأعضاء.
كما يعتبر بمثابة منصة متكاملة للنقاش والتشاور والخبرة، بهدف زيادة امتثال السلطات العامة في القارة السمراء في تنفيذ مهام إدارة ومراقبة الميزانية.